هل أنت واعٍ للغة جسدك؟
أثبتت الدراسات العلمية التي أجراها علماء السلوك البشري،
أن نصف تواصلنا وتعبيرنا يتم بحركات أجسادنا بدلاً من الكلمات ،
هذا التعبير بالجسد أصبح لغة كاملة قائمة بذاتها.
تتكون لغة الجسد من تعابير وحركات عدّة ، البعض منها يكون مقصوداً
والبعض الآخر يأتي عن غير قصد ، ودراسة هذه الحركات التي تمثل
لغة الجسد تُسمَّى «كينيزيكس»، وهو علم حديث جداً ، حيث إنَّ العلماء
لم ينكبوا على دراسة التعابير الجسدية للإنسان إلا في السنوات الأخيرة.
نحن والقرود
لغة الجسد هي لغة كونيّة ، وهي ليست لغة مشتركة فقط لدى البشر،
ولكن أيضاً لدى الحيوانات . فالقرود مثلاً ، لديها لغة تعبيرية تعتمد فيها على
حركات جسدها ، كأن تغطي وجهها عندما تشعر بالحَرَج ، وأن تفرك بطنها لتُعبِّر
على أنها تشعر بالجوع . ومَوهَبة التواصُل مع الآخرين من دون كلام هي موهبة
تُولَد مع كل إنسان ، فهناك أشخاص من مناطق وبلدان مختلفة يستعملون تعابير
الوجه وحركات الأيدي نفسها ، لكي يُعبِّروا عن مشاعر عديدة ، مثل الاهتمام
والفرح والغضب والاحتقار والخوف ، على الرغم من أنهم لم يقابلوا بعضهم من قبل.
ومع ذلك، فإنه أحياناً ، تكون لبعض الحركات معانٍ مختلفة ، بل متناقضة إذا انتقلنا
من بلد إلى آخر ، بحسب اختلاف ثقافات العالم . لهذا ربما يكون عليك الحذر
عندما تستعملين لغة الجسد مع أشخاص غرباء عن ثقافة بلدك.
أحاسيس
لكل عضو من جسدنا القدرة على التعبير عن إحساس مختلف . فالوجه مثلاً ولوحده ،
قادر على التعبير عن ستة أحاسيس أساسية ، فهو يُعبِّر عن المفاجأة بعينين
واسعتين وحاجبين مرتفعين ، وعن الخوف بتقارب الحاجبين من بعضهما بعضاً ،
وإظهار تجاعيد على الجَبين ، وبروز العينين وتقلُّص عضلات الوجه .
وعند الشعور بالاحتقار أو التقزّز ترتفع الشّفة العليا من الفم وينكمش الأنف
نحو الأعلى وينكمش الجبين نحو الأسفل ، وفي حالة الحزن تنكمش الشفتان
ويتقوس الحاجبان وتلمع العينان ، وفي حالة السعادة تعلو الوجه الابتسامة الكبيرة
التي تُظهر الأسنان جيداً ، وتظهر تجاعيد في الزاويتين الخارجيتين للعينين .
أما حالة الغضب فيمكن أن يُعبِّر عنها الوجه بعينين متَّسعتين ،
كما تتسع أيضاً فتحتا الأنف وتنكمش الشفتان.
نزاهة
وعموماً فإنَّ العينين وحدهما ، هما عامل رئيسي في فك شيفرة كلام الجسد .
إذ يكفيك في كثير من الأحيان النظر إلى مُخاطبك في عينيه ، لكي تعرف الكثير
من الأشياء عنه ، فرمشات العين المتكررة جداً تُعبِّر عن عصبيته ،
وكثرة تحريك العينين في كل الاتجاهات ، تدل على عدم النَّزاهة لديه.
واليدان أيضاً تنقلان رسائل شديدة الخصوصية ، حيث يمكننا أن ننقل أحاسيس
إيجابية وأخرى سلبية بواسطة اليدين ، فأنت عندما تجمع قبضة يدك وترفع فقط السبابة ،
فهذا يعني أنك تُعبِّر عن رأي إيجابي ، أمّا إنْ قمت بالحركة نفسها ،
لكنك وجهت سبابتك إلى أسفل ، فهذا يعني أنك تُعبِّري عن رأي سلبي .
وكثيراً ما يضع الشخص الكاذب يده على فمه وهو يتحدث ،
بينما يقوم الشخص القلق بضم يديه الواحدة إلى الأخرى، من دون أن يقصد ذلك.
اهتمام
حتى وضعية جذع الجسم تقول الكثير من الأشياء عن صاحبها ،
فأنت عندما تكون مثلاً جالساً وجذع جسمك مستقيم ، فإنّ ذلك يدل على أنك
إيجابي وواثق بنفسك . وبالنسبة إلى الساقين ، فإنك عندما تجلس وتُغيِّر وضع
رجليك كل مرة ، وتضع الواحدة على الأخرى، فهذا يدل على أنك إنسان تستحق الثقة .
وعندما تشير بإصبعك أو بجسمك إلى شخص ما أثناء حديثك ،
فهذا يعني أن هناك مشروع اهتمام بذلك الشخص سيبدأ.
أرباح
القدرة على قراءة لغة أجساد الآخرين ، هي أمر قد يكون أحياناً شيئاً ثميناً إنْ
أُجيد استغلاله ، لأن ذلك قد يساعدك على أن تعطي أفضل صورة ممكنة عن نفسك ،
وأن تتحدث إلى الآخرين ، كما أنه يُمكِّنك من التعرُّف إلى الأشخاص المميَّزين ،
وجمع معلومات عن مخاطبيك في أسرع وقت. وهذا ما يفعله المحامون
والأطباء النفسيون وحتى التجار ، حيث يعتمدون على معرفتهم الجيدة بلغة الجسد ،
لكي ينجحوا في مهنتهم أو يجنوا أرباحاً أكبر من تلك التي يجنيها زملاؤهم .
ومن جهة أخرى ، فإن قراءة لغة الجسد يمكن أن تكون أيضاً هواية مُسلية ومفيدة ،
تضمن لك ألّا تَملِّ أبداً عندما تكون في تجمُّع يضم مجموعة من الناس ،
حتى لو كانوا غرباء عنك.
تعابير المرأة
يستغل بعض الرجال الحاذقين معرفتهم بلغة الجسد ، لكي يفهموا المرأة قبل أن تتكلم .
ويعرف الرجل الخبير بلغة الجسد ، أنّ عيني المرأة ، وهما من أكثر أعضاء جسمها
تعبيراً عن ما في نفسها ، عندما تتسعان ويكسوهما البريق ، فهذا يعني أنها معجبة
بالرجل الذي أمامها ، أو على الأقل نجح في إثارة اهتمامها ، وأنها لا تجده رجلاً مملاً .
أما عندما تنظر إلى عيني رجل وتُطيل النظر إليهما قليلاً وتبتسم ،
فإنّ هذا يعني لا محالة أنها تجده جذاباً. والحاجبان أيضاً يرتفعان أكثر
عندما تشعر المرأة بالإعجاب نحو أحدهم.